آخر الأخبار

الزيارات

حسابي الشخصي على الفيسبوك

الجمعة، 20 نوفمبر 2015

تَعِزِّيْ (قصة قصيرة) للكاتب وليد المشيرعي





تَعِزِّيْ

(قصة قصيرة) 

للكاتب : وليد المشيرعي




كتب في السطر الأول (سأكون أكثر قسوة معها هذه المرة ..فيروز بائعة الملوج* في صنعاء ،، سام ابن نوح مدينة الشمس والحقائق الغائبة ..) 
وضع القلم جانباً رفع عينيه الى السقف واعادهما الى السطر البائس الذي كتبه للمرة الألف ولم يكتب بعده في الورقة حرفاً .. تناول الورقة ،مزقها بهدوء وعاد يراود الحروف والكلمات بحثاً عن موطأ جديد لأقلامه التي شاخت عشرات السنين قبل أن تنال بسطة في الحب .
  • ملوجتي دافئة.
أول عبارة داعبت أذنيه  من فم بائعة الملوج فيروز ذات العيون الفيروزية ..احتار كثيراً لذلك اللون الذي رآه أول مرة في عيني بشر بعد أن رآه كثير أيام في سماء قريته الصغيرة التي مازالت نائمة في حضن الجبل تقتات على خبز نسائها المبلل بقهوة الصباح .
هو كان جندياً في الثامنة عشرة من عمره متمنطقاً بندقيته الآلية ببزته العسكرية الخضراء وحذائه الغليظ ولفحة شمس على محياه المتبل بالعناء .
كان يحلو له في اجازته الاسبوعية أن يدور في أزقة صنعاء مختالاً ، يرمق كل بلاطة في الرصيف ويسدد في كل واحدة مقذوفات حماسته للحب والنيك وبناء مستقبل جاء مثقلاً بلا شيئ ولالشيئ ..
دوماً كان ينهي مشواره عند فيروز وستارتها الملونة المهترئة ، ولعينيها فيروز كان يسدد الكثير من النظرات الخجولة ..ويردد الكثير من العبارات الحمقاء :
  • اختنقت امس بحقك الملوجة 
كانت اقسي عبارة قالها وتكشيرة تكسو وجهه ..
  • انتي ماتسكيش** تخبزي !
  • سير عند أمك تملج لك ..
كان ردها عليه مفحماً ،اثار ضحك الخبازات والمارة الفضوليين في سوق «باب السباح» لكن في عينيها كان 
هناك رد عاشق آخر لم تنبس به شفتاها ولا لثامتها السوداء.
————
*الملوج نوع من الخبز اليمني يباع في الأسواق الشعبية في صنعاء.
**ماتسكيش باللهجة التعزية (لاتجيدين)